مقال: حتى نلتقي الجانب المظلم للقمر - بقلم : يوسف أبو جعفر
من الجنون فهم كل ما يدور حولنا من أحداث، يكفي أن تحاول فهم بعض ما يدور لتشعر بالإحباط أو السعادة، الأمر يعود لنظرتك حول الموضوع، فهناك من ينظر إلى نصف الكأس وهناك من يتوقع الكأس كاملة،
المحزن والجميل هو الشعور الذي يقرر أن يعطيك الأمل أو الإحباط.
ليس عيبًا أن تكون جاهلًا وتعترف أنك بحاجة لفهم أو دراسة أو حتى التفكير إنما العيب في عدم القدرة على ممارسة التفكير، الاكتفاء بالبقاء اليوم كالأمس عندها تعلن بوضوح أن همومك وطموحك - اختر ما شئت - لا تتعدى إرنبة أنفك في يوم ماطر بارد، ولذلك من السهل أن يصبح فهمك لكثير من المواضيع ضحل للغاية يوافق مستوى من لا يعرف والمصيبة الأكبر أن تصبح محللًا لحدث أو واقع وربما تطرح افكارًا وأنت بعيد كل البعد عن المسار الصحيح .
ليس اتهامًا لأحد ولكن وضع النقاط على الحروف ففي داخل كل واحدٍ منا جانب مظلم تنقصه فيه المعرفة، ولذلك تزداد في عالمنا قضية الأفكار المسبقة غير القابلة للتغيير، ففي نظرنا لا يمكن للإنسان أن يغير مواقفه أو إيمانه، يكفي أن ينظر المعلم إلى طالب فيعتبره ناجحًا أو فاشلًا حسب نصف الكأس، ولن يقتنع الشخص مهما حاولت معه بتغيير نظرته، إنها أيها السيدات والسادة قضية نعيشها يوميًا، نقرر أمر ثم ينتهي بنا الحال عليها طوال العمر.
الجوانب المظلمة في حياتنا كثيرة ولا أحد يريد أن يعترف بها أو حتى بوجودها، نحن نعلن الكمال وننشره وفي داخلنا جوانب لا نريد لأحد أن يعرف عنها، جهلنا الكبيرفي كثير من القضايا، مخاوفنا، ألمنا، أحزاننا وفي كثير من الأحيان جوانب أخرى منها الذنوب ومنها ماضٍ أسود أو قاتم، كل منا يعلم هذه أنها موجودة ولكننا نأبى مشاركة أحد فيها ولا نريد أن يطلع عليها أحد ونخاف ذكرها للطبيب أو لغيره، الجوانب المظلمة في الغالب نحافظ عليها ونحميها بسياج عالٍ لخوفنا من كشفها.
ربما يكون الجانب المظلم ماضٍ قد انتهى، ربما يكون حاضرًا يظهرنا بوجه أخر لا نريد أن يشاركنا فيه أحد، ليس بالضرورة مظلم لأنه سيء بل لأن المجتمع قد وسم هذا الأمر كسلبي، وما هو سلبًا الآن قد يأتي يوم يذكر فيه بخير، لذلك المقياس يتغير من فرد لأخر ومن زمن لأخر، ما هو ممنوع اليوم قد يصبح غدًا عاديًا، وحتى لا نستبعد الأمور فخذوا مثالاً قد يبدو بديهياً اليوم، قيادة السيارة للنساء، لقد شغل الأمر المجتمع سنوات طويلة وفي نهاية الأمر ما كان جانبًا مظلمًا مجتمعيًا أصبح مطلبًا وواجبًا في كثير من الحالات.
لماذا انتقلت من الجانب الشخصي إلى المجتمعي هكذا دون مقدمات طويلة؟ لأن الناس تخشى الحديث عن خبايا نفوسها ويسهل عليها نقد غيرها، وكما يقول المثل البدوي" الجمل ما بشوف عوجة رقبته" الجمل لا يرى انحناء عنقه، كذلك نحن لا نرى جوانبنا المظلمة كمجتمع ونرى كل عيب للأخرين.
من المحزن أننا نقرركثيرًا من منطلق خوفنا من المناطق المظلمة ولا تكون لدينا الشجاعة لإضاءة الطريق، فنحن نعرف الصادق من الكاذب والخائن من الأمين والشجاع من الجبان ورغم ذلك نتمسك برأي سابق مكنونة ظلمة وليس ضوءً، نحن نجتهد في تلميع وجوهنا وصورنا الخارجية لعدم قناعتنا في داخلنا، ليس سرًا انظر حولك نحترم الزيف ونبتعد عن الأصل، نخاف الظالم ونتحاشاه ونتهجم ببرود أعصاب على الذي لا يرد الإساءة، نتجمل بالأشكال ونترك الجوهر وكل ذلك يعود لما في داخلنا من إشراقة صباح أو مغيب شمس.
وحتى نلتقي، للقمر جانب مظلم يعرفه الجميع ولكن ضوء القمر يغطي هذا الجانب المظلم فلا يعود أحد يتذكر الجوانب المظلمة، ما نحتاجه هو انتشار الضوء ليرشدنا الطريق، الأسئلة كثيرة والمتاهات أكثر والظلمة التي حولنا تحاول ان تجتاحنا ونحن نبحث عن الطريق، فليس خيرًا من ضوء يأتي من داخلنا ندفع فيه الأمل إلى الأمام، لا أحد يستطيع أن يأخذ منك الظلمة التي في داخلك ولكن الجميع يبحث عن النور،فلا تجعل الظلمة هي التي تقود، لا مكان للإحباط والمحبطين وغدًا ستشرق الشمس رغم أنف المتشائمين.
من هنا وهناك
-
‘ بلدتي بين الامس واليوم‘ - بقلم : معين أبو عبيد
-
‘رأيٌ في اللغة .. في مـِحنة اللّغة ومَعاني ‘الاشتهار‘ .. قُل: اشتَهَر، وقُل: اشتُهِر‘ - بقلم: د. أيمن فضل عودة
-
المحامي محمد غالب يحيى يكتب : التعاون مطلوب، الاقصاء مرفوض والبديل موجود
-
مقال: نظرية ‘إكس‘ ونظرية ‘واي‘ في سلوك الموظفين - بقلم: د. غزال ابو ريا
-
‘ رأيٌ في اللُّغة.. فُحُولُ اللُّغة يوسِّعون لا يضيّقون ..فقُل: «سَمـَّى» وقُل: ‘أَسْمَى‘ - بقلم : د. أيمن فضل عودة
-
المحامي زكي كمال يكتب : ‘الديمقراطيّة‘ في مفهوم دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بقاؤهما في السلطة!
-
‘ الأمهات لا يمتْنَ أبدًا ‘ - بقلم : رانية مرجية
-
‘ تعزيز الذاكرة الجماعية ‘ - بقلم : د. غزال ابو ريا
-
النقد اللاذع والسخرية المُرة في ‘والي المدينة‘ عند سهيل عيساوي - بقلم: مصطفى عبد الفتاح
-
مقال: ‘التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا والحرب الخفية:العرب وإسرائيل صراع النفوذ والمصالح‘ - بقلم : د. عمر رحال
أرسل خبرا