
المحامي زكي كمال - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
واستمرار مساعي الانقلاب الدستوريّ من جهة والاحتجاجات الجماهيريّة ضدّ ذلك، والأوضاع الاقتصاديّة المتدهورة، وتوجيه الميزانيّات إلى قطاعات غير منتجة منها جماعات اليهود المتزمّتين والمستوطنين، هي التي تسيطر على جدول الاهتمام الإعلاميّ والشعبيّ، وهي التي تطفو على السطح، إلا أن كل هذه القضايا التي ذكرت سابقًا وخاصّة المواقف المتباينة حولها، والتي تصل حدّ العداء والتخوين والإقصاء بين مجموعات داخل إسرائيل، تؤدّي إلى حقيقة واقعة لا تحظى للأسف بالكشف الكافي والاهتمام اللائق، وهي ظاهرة العنصريّة المتفشيّة في إسرائيل والتي ما زال حجمها الحقيقيّ والصحيح خافيًا على الكثيرين الذين يرفضون النظر إلى الأمور كما يجب، واستخلاص العبر، ما يعني أنها حتى الآن "تحت السطح"، أو تشغل باب القليلين فقط، خاصّة وأنها تحوّلت في نظري من مظاهر الخلل والمرض الذي أصاب المجتمع الإسرائيليّ، والذي وصل إلى حالة يتمّ فيها حتى تسييس النضال ضد العنصريّة، وجعلها أمرًا محصورا في الحركات اليساريّة "التي تحبّ العرب" والفلسطينيّين، ويتم اتهامها بأنها بذلك إنما تساند أعداء إسرائيل، خاصّة بعد السابع من أكتوبر 2023. لكنّ الخطر من ذلك هو الجهل الذي يسود أوساط المجتمع الإسرائيليّ حول أبعاد وحجم هذه الظاهرة، إضافة إلى أنه اعتقاد خاطئ بأنها ظاهرة تخصّ الأقليّة العربيّة داخل البلاد، وبالتالي يمكن للمجتمع اليهوديّ والإعلام العبريّ عدم الاهتمام بها، وهي ليست كذلك في الحقيقة، بل إنها ظاهرةٌ تمسّ فئات ومجموعات عديدة من المجتمع الإسرائيليّ إن لم يكن كلّه، ويجب الاهتمام بمنعها وعدم انتشارها، فهي تبدأ ضد الأقليّات العرقيّة والدينيّة، لكنها لا تتوقف عندها بل تمتدّ إلى أقليّات جديدة سياسيّة وأيديولوجيّة وربما من حيث الجنس، تمامًا كما ظاهرة العنف التي تنخر عظام المجتمع العربيّ، والتي من الخطأ، بل من الخطر اعتبارها تخصّه هو فقط دون غيره.
حالة الحرب والتوتّر الأمنيّ تؤدّي "إلى إخراج المارد العنصريّ من قمقمه"
ما سبق، وأقصد قولي إن المجتمع الإسرائيليّ يعاني حالة من انعدام البصر، وربما البصيرة حول مظاهر العنصريّة له أسباب عديدة، منها أن حالة الحرب والتوتّر الأمنيّ تؤدّي "إلى إخراج المارد العنصريّ من قمقمه" وليس ذلك فقط، بل تجعله ماردًا مقبولًا يتم تبريره بأن أوقات التوتّر الأمنيّ والطائفيّ والسياسيّ عادة ما يرافقها ارتفاع وتيرة العنصريّة، خاصّة ضد المواطنين العرب، وكم بالحري في أوقات الحرب كما نحن فيه الآن، وبالتالي فإنها ظاهرة عابرة لا بدّ أنها سوف تتغير وتخفّ ألسنة اللهب فيها، لكن الحالة في إسرائيل اليوم مختلفة للغاية، فمظاهر العنصريّة اليوم تتزايد وتتّسع، بغطاء قانونيّ ضمن مساعي الانقلاب الدستوريّ، وبأوامر وزاريّة كنا قد استعرضنا بعضها، وتحديدًا إلغاء ميزانيّات مخصّصة للمواطنين العرب وتشريعات جاءت لتحويل لجان التنظيم والبناء إلى ذراع للحدّ من توسّع البلدات العربيّة، أو التي تندرج ضمن "غير اليهود"، وقانون القوميّة من العام 2018، والذي يعتبر إسرائيل دولة لليهود فقط دون حتى أدنى ذكر للمساواة، وتشريعات إضافيّة تتعلّق بمنع ترشيح المرشحين لرئاسة وعضويّة السلطات المحليّة إلا إذا اعترفوا بإسرائيل دولة يهوديّة، وتغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة، وتحويلها إلى لجنة يتحكّم فيها السياسيّون. وبذلك تنتهي إلى غير رجعة الأيام التي كان أحد أعضائها من المحامين العرب كممثّل لنقابة المحامين التي ينصّ القانون بصيغته الجديدة على إخراج ممثّليها من لجنة اختيار القضاة، وإلى ذلك يضاف قانون جديد لاختيار مندوب شكاوى الجمهور وتحويله إلى تابع للوزير الذي يعينه، أو الحكومة التي تعينه، والقانون الذي يحكم قضية امتلاك ترخيص لحيازة السلاح الشخصيّ، والقانون الذي يمنع الحكومة من دعم أيّ جمعيّة، أو حركة من الحركات والجمعيّات غير الحكوميّة التي تحصل على تمويل ودعم مالي من دول، أو مصادر يمكن اعتبارها تطالب بمقاطعة إسرائيل، ومعظمها حركات يساريّة وجمعيّات من المجتمع العربيّ، أو منظّمات حقوقيّة تطالب بالمساواة ووقف الاحتلال والاستيطان، وقانون لتخليد ذكرى الحاخام اليمينيّ المتطرف حاييم دروكمان عرَّاب الاستيطان في الضفة الغربيّة وشرقي القدس، والمعروف بمواقفه المتطرّفة ضد الفلسطينيّين في الضفة الغربيّة والعرب في إسرائيل، والذي اشتهر بفتواه عام 2010حول قضية تأجير وبيع المساكن للمواطنين العرب، والتي دعا فيها إلى التمييز داخلهم، بين أولئك المخلصين لإسرائيل ومنحهم حقوقًا متساوية، وبيعهم وتأجيرهم الشقق والمساكن في مقابل طرد الآخرين "الكارهين للدولة العبريّة"، وفق فتواه، وقبلها قوانين منها قانون لجان القبول في البلدات والمستوطنات اليهوديّة، وقانون منع الحقّ في التمثيل القضائيّ للمتهمين بقضايا أمنيّة وقانون وقف نشاط منظّمة الغوث الدوليّة أونروا.
مظاهر العنصريّة في إسرائيل أوسع وأكبر
وبما أن الواقع أكثر مرارة، يتّضح من معطيات رسميّة كنت استعرضتها في كلمة لي في السابع والعشرين من آذار الحالي 2025، أمام المؤتمر الأمنيّ تحت اسم" منتدى مئير داغان" والذي دارت أعماله في الكليّة الأكاديميّة في مدينة نتانيا، وهي كلمة تطرّقت تحديدًا إلى أوضاع المواطنين العرب في إسرائيل إلى أن مظاهر العنصريّة في إسرائيل أوسع وأكبر. وعلينا إذا ما أردنا فهم خطورتها ومدى اتّساعها وكونها تطال فئات عديدة في إسرائيل وليس العرب فقط، أن ندرك التفسير، أو التعريف الحقيقيّ والواسع لكلمة العنصريّة، أو التمييز العنصريّ وهو التمييز ضد أيّ إنسان على أساس لون البشرة، أو العرق أو الإثنيّة وله أوجه عديدة منها رفض التبادل التجاريّ مع مجموعة أشخاص ينتمون إلى جماعة معيّنة، أو تشغيلهم، أو التواصل معهم أو تبادل الموارد معهم، مع الإشارة إلى ما سبق وهو أن بإمكان الحكومات أن تمارس التمييز الإثنيّ، أو العنصريّ بحكم الأمر الواقع، أو بصورة صريحة من خلال القوانين، كالتمييز من خلال سياسات الفصل العنصري، أو التطبيق المتفاوت للقانون، أو تخصيص غير متكافئ للميزانيات، بينما ينصّ القانون الدوليّ، على أن التمييز العنصريّ هو أيّ تمييز، أو استثناء، أو تقييد، أو تفضيل، أو إقصاء يقوم على أساس العرق أو اللون، أو الأصل القومي أو الإثنيّ، ويؤدّي إلى تعطيل الحصول على الحقوق، أو الاعتراف بها، والحرمان من الحريّات الأساسيّة ومنع ممارستها، أو التمتّع بها على قدم المساواة، في الميدان السياسيّ، أو الاقتصاديّ، أو الاجتماعيّ، أو الثقافيّ، أو في أيّ ميدان آخر من ميادين الحياة العامّة، وبالتالي فإن التمييز يمكن أن يتم لأسباب مختلفة "تتعدّد الأسباب والتمييز واحد"، وهو ما قلته وفقًا لمعطيات تؤكّد أن فئات عديدة من المجتمع الإسرائيليّ تعاني التمييز، منها المواطنون العرب واليهود من أصل أثيوبيّ، أو اليهود القادمون من دول الاتحاد السوفييتيّ سابقًا، وبنسب متفاوتة، إذ أكّد 35% من عاملي ومستخدمي القطاع العام المنتمين إلى أقليّات وجماعات يجب تشجيع اندماجها في المجتمع، والذين تم استفتاء رأيهم ضمن مجموعة بلغ عددها 6400 شخص، أنهم عانوا من مظاهر العنصريّة في عملهم، وتشير النتائج إلى أن 48 % من اليهود الاثيوبيين (أصحاب البشرة السوداء) تعرضوا لحدث عنصريّ خلال عملهم، وكذلك 43% من المستخدمين العرب إضافة إلى 33% من أبناء الطائفة الدرزيّة، وكذلك 23% من اليهود الحريديم المتزمّتين وأيضًا 22% من اليهود المنحدرين من أصل روسيّ، لكن الصورة الأوسع، والأكثر سوادًا، هو ما أشار إليه تقرير الوحدة الحكوميّة لتنسيق مكافحة العنصريّة في وزارة القضاء أن 94% من المواطنين العرب في إسرائيل على اختلاف انتماءاتهم من المسلمين والدروز والمسيحيّين، عانوا من توجّهات عنصريّة، إضافة إلى حقيقة تشكّل النقيض التام لما هو قائم في باقي دول العالم، وهي تعاظم مظاهر العنصريّة جنبًا إلى جنب مع ارتفاع نسبة انخراط المواطنين العرب في المرافق الاقتصاديّة في القطاعين العامّ والخاصّ، وحتى في الجيش وقوّات الأمن، وذلك يمكن أن نعزوه إلى تعاظم قوّة وتأثير الحركات والتيارات والأحزاب المتطرّفة والمتديّنة في المجتمع اليهوديّ، والتي تركز جلّ جهودها على زيادة الشرخ الاجتماعيّ الداخليّ، وتعتبر التحريض الداخليّ والتفرقة الداخليّة وسيلة مشروعة لكسب التأييد السياسيّ والبرلمانيّ الانتخابيّ. فضلًا عن أن الشرخ الداخليّ يحول دون إجراء أيّ نقاش عقلانيّ لعمل الوزارات والمؤسّسات والوزراء، ويجعله نقاشًا سياسيًّا تحرّكه الغرائز والمشاعر، يهدف في كثير من الأحيان إلى شيطنة الطرف الآخر، علمًا أن التفرقة العنصريّة تتجلّى بأبعادها المختلفة بدءًا بالتمييز في العمل والتمييز في تقديم خدمات ما، وتفوّهات في الحيّز العامّ، أو منشورات رسميّة تابعة للمؤسّسات أو الوزارات، وشكاوى حول تقاعس الشرطة وأخرى تتعلّق باعتداءات عنصرية وآخرها تمييز عنصريّ في موضوع التعليم والثقافة.
الحكومة هي الجلّاد الحقيقيّ والقاضي الشكليّ
هنا تبرز الحاجة إلى زيادة الوعي حول إمكانيّات تقديم الشكاوى بكلّ ما يتعلق بالعنصريّة، ودور ذلك في صياغة وتعزيز السياسات المتعلّقة بمنع التمييز في الخدمة العامّة بشكل عام والنقل العام بشكل خاصّ، التمييز في التشغيل والتوظيف على خلفيّة عنصريّة، وامتناع الشرطة عن تطبيق القانون. لكن المشكلة الواضحة تكمن في أن معظم مظاهر التمييز المذكورة تقع ضمن مسؤوليّات الحكومة، التي هي نفسها شكّلت لجنة مكافحة العنصريّة التابعة لوزارة القضاء، وهي التي تشكّل مرجعيّة لها وصاحبة الصلاحيّة فوقها، وبالتالي فالحكومة هي الجلّاد الحقيقيّ والقاضي الشكليّ هنا، ومن هنا القول إن مكافحة مظاهر العنصريّة تستوجب تضافر الجهود بين أطر عديدة منها جهاز التربية والتعليم، والذي ينفّذ، أو يحاول تنفيذ خطط عديدة لمكافحة العنصريّة، ونسف الأفكار المسبقة، لكنها كلها خطط لن يكتب لها النجاح إلا إذا تحوّلت من النمط العموديّ، إلى النمط الأفقيّ، أي أن يكون أساسها الإيمان بأن تنوّع المجموعات والجماعات في المجتمع الإسرائيليّ هو تنوّع أفقيّ، بمعنى أنها مجموعات متساوية وعلى نفس المستوى تتمتّع كلّ منها بصفات وخصوصيّات يجب احترامها، دون أيّ إلغاء، أو إقصاء متبادل، وأنه ليس تنوًّعًا عموديًّا بمعنى تصنيف هذه الفئات والمجموعات إلى مخلصة وغير مخلصة، جيّدة وسيّئة (العرب الجيّدون وفق الحاخام حاييم دروكمان كما ذكرنا سابقًا)، أو مجموعات من الدرجة الأولى والثانية، وغير ذلك من التصنيفات والتدريجات، وفوق كلّ هذا ما أشرت إليه خلال كلمتي أمام المؤتمر من أن حكومات إسرائيل المتعاقبة ومنذ العام 1948، أضاعت على نفسها فرصة ذهبيّة لمنع العنصرية وخلق العيش المشترك ونسف الأفكار المسبقة، وذلك لأنها لم تقرّر جعل دراسة اللغة العربيّة أمرًا إلزاميًّا في المدارس اليهوديّة، بعكس ما فعلت من حيث إلزام الطلاب العرب بدراسة اللغة العبريّة بشكل إلزاميّ ضمن قانون التعليم.
للجهاز القضائيّ، أو القضاء والتشريعات دور في مكافحة العنصريّة، عبر تشريعات برلمانيّة تصبّ في هذا المضمار وقرارات للمحاكم تردع المظاهر العنصريّة ومن يمارسها، وتشكّل العقاب الصحيح لتفوّهات وتصرّفات عنصريّة، ما يرسّخ نظمًا اجتماعيّة وأخلاقية صحيحة تضمن المساواة وتكافؤ الفرص، التي كانت وثيقة استقلال دولة إسرائيل قد ضمنتها، إذ جاء فيها إنه "تسري في دولة إسرائيل المساواة في الحقوق الاجتماعيّة والسياسيّة لكافّة مواطنيها دون فارق في العرق والجنس والدين". لكن الأمور تغيرّت منذ ذلك الحين وخاصّة في السنوات الأخيرة عبر تشريعات متواصلة تقلّص حقوق الأقليّات، إضافة إلى مظاهر أخرى موازية ذات صلة بالقضاء ومنها ما اتضح من العقوبات التي تفرضها المحاكم على المدانين من الأقليّات سابقة الذكر، وخاصّة العرب يفوق بكثير العقوبات التي تفرضها على اليهود خاصّة الغربيّين منهم. وكلّها عوامل تقود إلى النتائج والمعطيات الحقيقيّة وملخّصها انعدام ثقة الأقليّات بقدرة الحكومة والبرلمان والمحاكم على مكافحة العنصريّة، أو ربما وجود قرار حكوميّ وبرلمانيّ حقيقيّ بمكافحتها، أسوة بعدم وجود قرار حكوميّ وبرلمانيّ واضح وصريح بمكافحة العنف بين الأقليّات وخاصّة بين المواطنين العرب، وهي نتائج يؤكّدها استطلاع وحدة مكافحة العنصريّة في وزارة القضاء، جاء فيها أن 61% من المشاركين في الاستطلاع الذي أوردناه في بداية المقال، يعتقدون أن الدولة تحارب العنصريّة المؤسّساتية بدرجة قليلة، بينما قال 33% من المجيبين أنه يجب زيادة حدّة وشدة العقوبات القضائيّة وغيرها كأداة للقضاء على العنصريّة المؤسّسية، وقال 77% ممّن شملهم الاستطلاع إنهم إذا واجهوا تمييزًا في المستقبل لأنهم عرب فلن يتّصلوا بوحدة التنسيق ضد العنصريّة، أما الخطر من ذلك فهو أن 24% ممّن تمّ استفتاؤهم أعربوا عن عدم ثقتهم أصلًا بالمنظومة الحكوميّة والقضائيّة الرسميّة لمكافحة العنصريّة، وهو ربما ما تعكسه معطيات الوحدة نفسها التي أشارت إلى أنه في العام 2021 بادرت أقل من نصف الوزارات الحكوميّة لتشجيع سياسات لمكافحة العنصريّة، وأن نشاطها ونشاط الوزارات الحكوميّة تأثر في العام 2021 بنقص الميزانيّة وتغيير الحكومة ووباء كورونا. وإذا كان الحال كذلك عام 2021، فاللبيب من الإشارة يفهم مدى سوئه في العامين الأخيرين وخاصّة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، وإلى هذا تضاف حقيقة مؤلمة، وهي أن الإعلام الإسرائيليّ لا يساهم في مكافحة العنصريّة، بل على العكس من ذلك ففي أحيان كثيرة، يكرّس آراء مسبقة وأفكارًا نمطيّة تقصي الأقليّات وخاصّة المواطنين العرب، تحديدًا خلال فترات التوتّر الأمنيّ، ومع ازدياد المواقف اليمينيّة التي تعتقد أن لا مكان لحلّ سياسيّ مع الفلسطينييّن ينهي النزاع بين الطرفين.
العنصريّة لم تعد حكرًا على المواطنين العرب، أو موجهة ضدهم فقط، بل إنها تمسّ الجميع
خلاصة القول: لم تعد مظاهر العنصريّة في إسرائيل جانبيّة، أو هامشيّة، بل وصلت مواقف وطروحات عنصريّة إلى لبّ الجهاز البرلمانيّ والسياسيّ وحتى القضائيّ، كما أن العنصريّة لم تعد حكرًا على المواطنين العرب، أو موجهة ضدهم فقط، بل إنها تمسّ الجميع، ربما دون استثناء ممارسة وفعلًا، أو على الأقلّ قولًا وتصريحًا، أمّا مواجهتها فيجب أن تتم عبر دمج وسائل وخطوات عدّة، وهي وضع قوانين وسياسات محدّدة وخطط عمل شاملة للتثقيف والتوعية ترافقها الملاحقة القضائيّة لمرتكبي الأفعال العنصريّة تضمن إنصاف الضحايا وإجراء البحوث وجمع البيانات الدقيقة واتخاذ تدابير لمناهضة إثارة الكراهية على أساس العرق في وسائل الإعلام، بما في ذلك عبر الإنترنت وخاصّة وسائل التواصل الاجتماعيّ عبر تشريعات وتعليمات ملائمة، وفوق كلّ ذلك اتّخاذ إجراءات تضمن تكافؤ في الفرص، وباختصار فإن مكافحة العنصريّة تبدأ من الإيمان أنها ليست مولودة، بل مكتسبة كما قال نلسون مانديلا: "لا يوجد إنسان وُلد يكره إنسانًا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه.. الناس تعلّمت الكراهية، وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية، إذن، بإمكاننا تعليمهم الحبّ، خاصّة أن الحبّ أقرب إلى قلب الإنسان من الكراهيّة".
صدق العلامة مونتسكيي بقوله: "كلنا بشر قبل أن نكون متعددي الجنسيات والأديان لذا فلنكتشف ما يُفيدنا لا الذي يؤذينا لنعمل على الخير الذي يجمعنا لا التعصب الذي يُفرقنا" كُن إنسانًا !!!
هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع بانيت هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة راي التحرير في موقع بانيت .
يمكنكم ارسال مقالاتكم مع صورة شخصية لنشرها الى العنوان: bassam@panet.co.il