تصوير earth phakphum-shutterstock
• حكاية المجتمع العربي منذ حرب أكتوبر: انهيار اقتصادي، تدهور تعليمي، وأطفال في سن 13 عامًا يجدون أنفسهم حاملين للسلاح
• "هذا الشيء الوحيد الذي يمنحني الاحترام"
بينما تواجه دولة إسرائيل تحديات الحرب المستمرة، يعيش المجتمع العربي في الداخل واقعًا صعبًا بشكل خاص: ارتفاع في معدلات البطالة، انهيار في أنظمة التعليم، والنتيجة – تصاعد في العنف والجريمة. لم تعد المسألة مجرد شعور بالتهميش – بل أزمة اجتماعية عميقة.
انخفاض في التشغيل، ارتفاع في العنف
وفقًا لبيانات مركز "طاوب"، انخفضت نسبة تشغيل الرجال العرب من 77.3% في عام 2023 إلى 75.1% في عام 2024. السبب الرئيسي: توقف المشاريع في قطاع البناء، ابتعاد جهات التوظيف عن المجتمع العربي نتيجة التوترات الأمنية، وتفاقم التدهور الاقتصادي الذي اشتدّ عقب الحرب. إلى جانب ذلك، تم إلغاء مبادرات، انهارت أعمال تجارية، وتصاعد انعدام الثقة بين الدولة والمجتمع العربي.
في نفس الفترة، ارتفع عدد جرائم القتل في المجتمع العربي: من 109 ضحايا في عام 2022 إلى 230 في عام 2024. أما في عام 2025، فقد تفاقم الاتجاه بشكل أكبر – فحتى منتصف أيار، تم تسجيل أكثر من 80 جريمة قتل. ووفقًا لتقديرات جمعية "مبادرات إبراهيم"، من المتوقع أن ينتهي عام 2025 برقم قياسي مأساوي جديد يبلغ حوالي 270 ضحية قتل في المجتمع العربي. هذه ليست مجرد أرقام – بل واقع حي، خطير ومتواصل، يعكس فشلًا اجتماعيًا عميقًا. لم تعد المسألة عنفًا فحسب – بل وباء اجتماعي يهدد كيان المجتمع العربي وصمود الدولة بأسرها.
"كنت بس بدي حدا يقولي إني بساوي إشي"
أمير (اسم مستعار)، فتى يبلغ من العمر 13 عامًا من إحدى القرى في الشمال، تم ضبطه مؤخرًا وهو يحمل مسدسًا. ليس لأنه أراد القتل – بل لأنه كان يبحث عن انتماء. ترك أمير المدرسة بعد أن تم فصل والديه من العمل، وبدأ بالتجول في الشوارع. وعندما سألته لماذا يحمل السلاح، أجاب: "لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنحني الاحترام".
قصة أمير ليست استثناء – بل تمثل واقع آلاف المراهقين. فهم لا يدخلون إلى عالم الإجرام من "باب الاختيار" بل نتيجة انعدام البدائل. إنهم يبحثون عن معنى، وانتماء، وهوية – وهذه لا يحصلون عليها من الأنظمة التعليمية أو من السلطات، بل من العصابات في الشارع.
ليست مسألة تطبيق قانون فحسب
تصاعد الجريمة ليس نتيجة فشل شرطي – بل فشل منظومي. بدلًا من المزيد من رجال الشرطة – نحتاج إلى المزيد من الأمل. الشباب يحتاجون إلى فرص عمل، العائلات تحتاج إلى استقرار، والمنظومة بحاجة إلى التوقف عن النظر إلى المجتمع العربي كمشكلة، والبدء في رؤيته كشريك في الحل.
أربع خطوات لإعادة بناء المجتمع
1. إعادة الثقة من خلال الاستثمار في وظائف نوعية، خصوصًا للشباب والنساء.
2. برامج تأهيل مهني ونفسي ضمن أطر مجتمعية، مع التركيز على الأطراف والمناطق المحرومة.
3. تعزيز النظام التربوي العربي – ليس فقط ماليًا، بل أيضًا من حيث المحتوى والقيم.
4. تدخل حكومي فعال وحقيقي – ليس عبر تصريحات، بل من خلال ميزانيات، تنفيذ، وشجاعة سياسية.
الاختبار لنا جميعًا
إذا لم نستثمر الآن – سندفع الثمن لاحقًا. الخيار هو بين جيل من الشباب مع مستقبل، أو جيل من الشباب مع سلاح.
أمير لا يحتاج إلى قاضٍ. إنه يحتاج إلى معلم، مدرب، مرشد – وربما يحتاج إلينا جميعًا.
الكاتب هو دكتور في الاقتصاد وإدارة الأزمات في القطاع العام، محاضر ومنسق رأس المال البشري في النيابة العامة – جنايات شمال، ومؤسس المركز الأكاديمي "كارير 1995" لتطوير القيادة والتوظيف في المجتمع العربي.