التي يؤديها الحاج خلال وجوده في منى. ويهتم هذا اليوم بعدد من الأعمال والشعائر الخاصة، التي ينبغي على الحاج أن يلتزم بها كما وردت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكما دل عليها القرآن الكريم.
في بداية اليوم، يُلزم الحاج بالمبيت في مشعر منى ليلة الثاني عشر من ذي الحجة، ويُعد هذا المبيت من السنن المهمة المرتبطة بالمناسك. ومع زوال الشمس ودخول وقت الظهر، يتوجه الحاج لأداء رمي الجمرات الثلاث، كما فعل في اليوم السابق؛ فيبدأ برمي الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، وأخيراً العقبة الكبرى، ويكون ذلك بعد صلاة الظهر. ويستحب له أن يقف عند الجمرة الصغرى والوسطى مخصصًا وقتًا للدعاء ورفع يديه متضرعًا، كما هو مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
بعد الانتهاء من رمي الجمرات الثلاث، إذا كان الحاج يود مغادرة منى والتعجل في سفره، فإنه يستطيع ذلك بشرط أن يخرج منها قبل غروب الشمس، على أن يختتم مناسكه بأداء طواف الوداع في المسجد الحرام. ويُعرف هذا الفعل بالتعجل، وهو مباح للحجيج حسب رغبتهم، دون حرج عليهم. غير أن كثيرًا من العلماء وكتب السنة يشيرون إلى أن البقاء في منى حتى اليوم الثالث عشر، أي التأخر في الخروج منها، هو الأفضل من الناحية الشرعية، اقتداء بفعل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وتحقيقًا لفضيلة الإكثار من الرمي واتباع ما ورد في كتاب الله: “فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى”، حيث يعطي هذا الخيار للحجيج بين التعجل والتأخر، مع وجود الأفضلية للتأخر لمن استطاع وتهيأت له الأسباب.
كما يُنصح الحجاج باستغلال فترة إقامتهم في منى بالإكثار من الصلاة وذكر الله سبحانه وتعالى، وفعل الطاعات، خاصة أن منى شهدت الصلاة من قبل سبعين نبيًا كما ورد في الحديث الشريف، ويُعد مسجد الخيف في منى من الأماكن المباركة التي يُستحب أداء الصلاة فيها لمن استطاع، ففي ذلك اقتداء بالنبيين والصالحين وزيادة في الأجر والفضل.
ويلزم الحاج أن يحافظ خلال أيام التشريق على الذكر والتكبير، مستحضراً روحانية الزمان والمكان، ومغتنمًا كل دقيقة في هذه الأيام المعدودات للدعاء والاستغفار. وأيام التشريق لها فضل عظيم، ففيها يتمم الحجاج مناسكهم ويزدادون قربًا من الله تعالى، كما أن هذه الأيام هي فرصة لتجديد النية والتوبة، وبذل الجهد في الطاعات واستشعار عظمة الشعائر.
وفي الختام، فإن اليوم الثاني من أيام التشريق يحمل في طياته أعمالًا روحانية وعملية جليلة ينبغي للحاج التركيز عليها، مع أهمية المحافظة على الانضباط والسكينة خلال أداء المناسك، حتى يكون الحج مقبولًا ومباركًا، فيعود الحاج إلى بلده وقد تحقق له أمل إتمام الحج على أكمل وجه، نال به المغفرة والرحمة. (Photo by Esra Hacioglu/Anadolu via Getty Images)
(Photo by Esra Hacioglu/Anadolu via Getty Images)
(Photo by Esra Hacioglu/Anadolu via Getty Images)