شحيح ومكلف.. الاحتباس الحراري يضرب موسم الزيتون
في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، يعيش مزارعو الزيتون هذا العام واحدًا من أصعب المواسم الزراعية، مع تراجع حاد في إنتاج الزيتون. الانحباس المطري، وارتفاع درجات الحرارة،
المهندس الزراعي سهيل زيدان من زيمر يتحدث عن موسم الزيتون هذا العام
والتوزيع الزمني غير المنتظم للأمطار، كلها عوامل ساهمت في ضرب محصول الزيتون. وبينما تتراجع الكمية، ترتفع الأسعار بشكل قياسي، ما يُنذر بأثر اقتصادي مباشر على المستهلكين.
وقال المهندس الزراعي سهيل زيدان رئيس مجلس الزيتون في البلاد، في حديثه لموقع بانيت وقناة هلا : "إنتاج الزيتون هذا العام شحيح في إسرائيل. تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون حوالي 320,000 دونم، منها 250,000 دونم تقع في المزارع البعلية غير المروية، ومعظم هذه الأراضي في الوسط العربي. أما المساحة المتبقية، وهي ما بين 70,000 إلى 80,000 دونم، فهي مروية، وتُعطي معدل إنتاج عالٍ. أما الأراضي غير المروية (250,000 دونم)، فنُقدّر هذا العام أن تُنتج حوالي 30% فقط من المحصول، بالمقارنة مع الأشجار المروية التي تُعطي عادةً ما بين 50 إلى 60%. وبالتالي، فإن المعدل العام (المروي وغير المروي معًا) سيكون ما بين 40 إلى 45% من الإنتاج المعتاد. أما السبب في ذلك، فهو الانحباس الحراري وتغير المناخ، حيث أن تغير المناخ يؤثر بشكل خاص ومباشر على المزارع البعلية. بينما يمكن، إلى حد ما، مساعدة الأشجار المروية عبر الري خلال فصل الصيف والخريف.
تغير المناخ يعني، مثلاً، أن هذه السنة شهدنا في الجليل الغربي تساقط حوالي 100 ملم من الأمطار، لكن خلال ساعات قليلة فقط. من ناحية كمية الأمطار، نعم، هطلت كميات، لكن التوزيع الزمني لم يكن منطقياً، إذ كان الموسم المطري لا يتجاوز شهراً إلى شهر ونصف. وهذا ما يُعرف بـ الانحباس الحراري أو تغير المناخ. ولهذا، علينا أن نكون مستعدين للسنوات القادمة."
* هل زيت الزيتون من الأشجار البعلية أفضل من زيت الزيتون من الأشجار المروية؟
"هذه مقولة شائعة. أما من الناحية العلمية، فزيت الزيتون هو زيت زيتون، ولا يوجد نوع يُسمى "زيت زيتون خاص". قد تكون نسبة البوليفينولات (وهي مركبات مفيدة للصحة) أعلى قليلاً في الزيت المستخرج من الأشجار البعلية، وهذا جانب علمي وصحي مثبت. لكن بشكل عام، تركيبة الزيت واحدة سواء أكان من أشجار مروية أو غير مروية".
* كان أجدادنا يقولون دائمًا: "سنة تُحمّل وسنة لا تُحمّل". فهل ما زالت هذه المقولة تنطبق في ظل تأثيرات الاحتباس الحراري؟ أم أن الأمر أكثر تعقيدًا من هذا الوصف البسيط؟
الواقع أن المسألة ليست بهذا الوصف البسيط. ما يُسمّى شعبيًا بـ"سنة تُحمّل وسنة لا"، يُعرف علميًا باسم ظاهرة "المعاومة"، وهي ظاهرة تُعطي فيها شجرة الزيتون ثمارًا وفيرة في سنة، وتكون إنتاجيتها منخفضة في السنة التالية. لكننا، من ناحية علمية، وفي مجال الإرشاد الزراعي، حاولنا التغلّب على هذه الظاهرة، وذلك من خلال إدخال ماكينات القطف الميكانيكية.
في السابق – وأتذكر ذلك منذ كنت صغيرًا – كان الناس يقطفون الزيتون بالعصي، حيث كانوا يضربون الأغصان لتساقط الثمار. لكن ضرب الأغصان بالعصي يؤدي فعليًا إلى كسر الأغصان التي من المفترض أن تُثمر في السنة القادمة، لأن شجرة الزيتون تُعطي ثمارها على النمو الذي حدث في الخريف السابق. وعندما نكسر هذه الأغصان، فنحن في الواقع نقضي على ثمار السنة التالية، وهكذا تظهر ظاهرة "المعاومة".
أما اليوم، وبحسب إرشادات وزارة الزراعة في إسرائيل، فإن القطف الميكانيكي يُقلّل من ظاهرة المعاومة، لكنه ليس هو المشكلة الأساسية. المشكلة الرئيسية اليوم هي تغير المناخ والانحباس الحراري. فلكي تُثمر شجرة الزيتون مرة أخرى، نحتاج إلى شروط مناخية معينة. نحن كخبراء في هذا المجال نعلم أنه بدون هذه الشروط، لا يمكن التنبؤ بوجود إنتاج من الزيتون.
الأشهر 9، 10، 11، و12 تعتبر شهورًا حرجة ومهمة للغاية، حيث تحتاج الشجرة خلالها إلى ما يُعرف بـ "الوجبات البردية"، أي عدد من الساعات التي تنخفض فيها درجة الحرارة إلى ما دون 14 درجة مئوية. وشجرة الزيتون تحتاج إلى ما يقارب 200 إلى 270 وجبة برد حتى يحدث التحول في البراعم وتبدأ عملية الإزهار في موسمها القادم."
وتابع: "لمن لا يملك المعدات الحديثة ولديه كمية قليلة من أشجار الزيتون، يمكنه استخدام الماكينة اليدوية أو ما يُعرف بـ"تراكتور يدوي". يقوم بفرش المفارش تحت الشجر، ثم يهز الأغصان يدويًا لتساقط الثمار. الفلاح، إذا كان يعمل بمفرده، يمكنه قطف حوالي 400 كيلوغرام في اليوم، ولكن هذا العمل يتطلب عادة مساعدة شخص آخر. هذا النوع من القطف أبسط من القطف اليدوي التقليدي، والذي يُعتبر أكثر صعوبة وتعبًا. أما من يملك كروم زيتون أكبر، فغالبًا يستخدم هزازات موصولة بالجرارات (التراكتورات)، وهي التي تهز جذع الشجرة مباشرة لتساقط الزيتون بكفاءة وسرعة أعلى".
* عندما نتحدث عن موسم زيتون شحيح، بإنتاج يتراوح بين 30% إلى 45% مقارنة بموسم عادي أو وفير، كيف ينعكس هذا النقص على أسعار الزيت والزيتون، سواء للمستهلك الذي يرغب بالشراء أو للمزارع؟
"من الطبيعي أن يكون السعر مرتفعًا جدًا، بل سيبقى مرتفعًا بشكل كبير، وذلك لوجود نقص عالمي في زيت الزيتون، ليس فقط في منطقتنا، بل في العالم كله. السبب الرئيسي هو الاحتباس الحراري وتغير المناخ، اللذان أثّرا بشكل مباشر على إنتاج الزيتون. فعلى سبيل المثال، إسبانيا – وهي المنتِج الأول عالميًا بزراعة حوالي 26 مليون دونم من أشجار الزيتون – فقدت مؤخرًا نحو 4 ملايين دونم نتيجة لهذه التغيرات المناخية. إيطاليا، التي تحتل المرتبة الثانية عالميًا، واجهت نفس المشكلة، وكذلك الأمر بالنسبة لليونان وتركيا. كل هذه العوامل تؤدي إلى تراجع الكميات المعروضة في الأسواق، وبالتالي ارتفاع الأسعار سواء للزيت أو للزيتون الخام، ويشعر بذلك بشكل واضح كل من المزارع والمستهلك".
* كم سيبلغ سعر التنكة؟ ومن يحدد السعر أصلاً؟
"الأمر خاضع لقانون العرض والطلب. لكن حسب رأيي الشخصي، وبما أسمعه من الفلاحين أو غيرهم في الأسواق، هناك من يقول إن سعر تنكة الزيت هذا العام قد يصل إلى 1000 شيكل. لكن بصراحة، 1000 شيكل سعر مرتفع جدًا، ولن يتمكن كثيرون من الشراء بهذا السعر. صحيح أن الزيتون عنصر مهم في الأمن الغذائي، ليس فقط محليًا بل على مستوى العالم، وفي إسرائيل أيضًا يُعد مكونًا أساسيًا في كل بيت، لكن برأيي، السعر المنطقي لمن يريد شراء زيت نقي وصافي، وزن التنكة 18 لترًا، يجب أن يتراوح بين 650 إلى 700 شيكل".
من هنا وهناك
-
اطلاق حملة لجمع 2 مليون شيكل لصالح أحد المختطفين الاسرائيليين الذين أفرجت عنهم حماس قبل أيام
-
قبل ساعات من مقتله.. المربي جمال خالدي من ابطن يرثي اخته: ‘أسأل الله أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى‘
-
(ممول) لديك مشكلة مع السلطات في مجال التخطيط والبناء؟ الحل متوفر باليد !
-
الآن بامكانكم مطالعة عدد صحيفة بانوراما الصادر اليوم الجمعة
-
استنكار عارم في النقب بعد تجريف الطريق المؤدي إلى منطقة نقع السبع: ‘تضييق على الأهالي ضمن سياسية ممنهجة‘
-
المرشد السياحي محمد أبو الهيجاء من طمرة يتحدث عن الرحلات في فترة الخريف
-
أهال من عسفيا: مهرجان ‘المنزول‘ صنع حراكا مجتمعيا في البلدة
-
حالة الطقس: ارتفاع طفيف اخر على درجات الحرارة
-
اصابة 4 رجال شرطة خلال مطاردة مركبة مشبوهة في مدينة رهط
-
مشاركات في مؤتمر ‘نبقى بالفعل‘ في الناصرة يتحدثن لقناة هلا
أرسل خبرا