النحل يهجر أقدم مزرعة جماعية لتربيته بالعالم في المغرب
حلّ الصمت بدلاً من طنين النحل الذي كان يملأ فضاءات المزرعة التقليدية الضخمة لتربيته بقرية أنزركي جنوب المغرب، حيث اختفت خلاياه في كارثة بيئية مست أيضاً مناطق أخرى من المملكة.
صورة للتوضيح فقط - iStock-BDphoto
ويعزوها خبراء إلى جفاف استثنائي هذا العام.
يقول مربي النحل إبراهيم شتوي متحسرا وهو يتفقد ما تبقى من الخلايا تحت شمس حارة: «يفترض أن يملأ طنين النحل المكان في هذه الفترة من العام، لكنه الآن ينفق بوتيرة عالية».
وفقد هذا المزارع 40 من أصل 90 وحدة لتربية النحل في أقل من شهرين، وهي مرتبة في مزرعة جماعية وسط واحدة من أغنى محميات شجر الأركان بالمغرب.
واضطرت عائلات أخرى من مستغلي هذه المزرعة الفريدة من نوعها إلى «التخلي تماماً عن تربية النحل، لانعدام الإمكانات»، كما يضيف شتوي.
ويصنف خبراء متخصصون هذا الموقع على أنه «أقدم وأكبر مزرعة جماعية تقليدية لتربية النحل في العالم»، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1850.
لكن الكارثة التي حلت به ليست معزولة، إذ طالت أيضاً مناطق أخرى من المملكة.
وينبه المسؤول في اتحاد مربي النحل بالمغرب محمد شوداني بأن الخسائر جسيمة، حيث فقدت نحو 100 ألف وحدة لإنتاج العسل في جهة خنيفرة بني ملال (وسط) لوحدها، منذ أغسطس.
تضم المملكة نحو 910 آلاف مزرعة لتربية النحل يستغلها نحو 36 ألف مُزارع، حسب إحصاءات عام 2019.
لكن اختفاء النحل هذا العام كان شديداً إلى درجة أن الحكومة خصصت مساعدة بقيمة 130 مليون درهم (نحو 13.5 مليون دولار)، لتخفيف وقع الكارثة على المزارعين.
فتحت الحكومة أيضاً تحقيقاً حول أسباب الكارثة عهد به إلى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وقال الأخير في بيان إن «هجر أسراب النحل لمزارع تربيتها ظاهرة غير مسبوقة في المغرب».
وأرجع «انهيار خلايا النحل» إلى التغيرات المناخية، مستبعداً فرضية إصابتها بوباء.
بدوره يعزو الباحث في علوم تربية النحل أنطونان أدم هذه الظاهرة إلى الجفاف الذي يضرب المغرب هذا العام، وهو الأسوأ من نوعه منذ 40 عاماً.
لكن إلى جانب شح الأمطار، لا يستبعد أن يكون الوضع تفاقم بسبب «هشاشة النحل إزاء الأمراض، والترحال، واستعمال تقنيات لرفع الإنتاجية في ظل سعي البلاد لزيادة منتوجها من العسل»، بحسب الباحث الذي أجرى دراسات على تربية النحل بالجنوب الشرقي للمغرب.
وارتفع إنتاج النحل بمعدل 69% خلال 10 أعوام في المملكة، منتقلاً من 4.7 طن في 2009 إلى قرابة 8 أطنان في 2019، برقم تعاملات يفوق مليار درهم (نحو 100 مليون دولار)، وفق أرقام وزارة الزراعة.
بالنسبة إلى النحّال إبراهيم شتوي «يبقى الجفاف ظاهرة طبيعية، لكن حدته هي التي تثير القلق هذا العام».
ووقع الكارثة مضاعف في قرية إنزركي، إذ يهدد أيضا تراثاً ثقافياً يتمثل في تقنيات التربية الجماعية التقليدية للنحل. وهذه المزرعة عبارة عن بناء بسيط ومعقد في الوقت نفسه، من الطين والخشب، يرتفع على 5 طبقات، مقسمة أفقياً إلى خانات بأحجام متساوية.
داخل كل خانة توضع خلايا النحل الدائرية المصنوعة من قصب، يلفه الطين وروث البقر. وقد تم تصنيف المزرعة أخيراً ضمن لائحة التراث الوطني.
لكن جوانب من هذا البناء الضخم تتخللها شقوق، ما يثير مخاوف من خطر انهياره. ويرجع الباحث في الجغرافيا الإنسانية حسن بنعليات تدهور هذه المعلمة إلى عدة تحولات طرأت على المنطقة، بينها تحديث وسائل الإنتاج والهجرة القروية، لكن أيضاً التغيرات المناخية.
وتراجع عدد العائلات التي ترعى خلايا نحل في هذه المزرعة الجماعية من 80 إلى نحو 20 فقط حالياً.
ويدعو بنعليات إلى إحياء هذا التراث الاستثنائي على نحو عاجل.
ويستطرد شتوي، الذي أسس جمعية لحماية المزرعة مع قرويين آخرين، "الوضع حساس جداً لكنني لن أستسلم."
وناضل هؤلاء من أجل تسجيل المزرعة الفريدة من نوعها ضمن التراث الثقافي الوطني، كما زرعوا أعشاباً عطرية لمقاومة جفاف التربة، ويجاهدون اليوم لترميمها.
ويختم "إنتاج العسل في ذاته ليس هدفنا، بل على الخصوص الحفاظ على المزرعة وبقاء النحل على قيد الحياة في انتظار أيام أفضل."
من هنا وهناك
-
محاولات الإنعاش باءت بالفشل: إقرار وفاة المصاب جراء اصطدام سيارة بمقهى في كفار سابا
-
الرئيس الكولومبي يأمر بإرسال الذهب المصادر من تجار المخدرات إلى غزة
-
محاولات انقاذه باءت بالفشل | وفاة الطبيب زياد أبو عابد من رهط متأثرا باصابته باطلاق نار قبل 10 أيام
-
مقتل شخصين واصابة اخريْن بجروح خطيرة إثر إطلاق نار على شارع 443 قرب موديعين
-
كفر ياسيف: هكذا وجد طلاب صغار أنفسهم في قلب مشهد دموي
-
نائب أردني يقترح تعويض ضحايا الكلاب الضالة بـ5 آلاف دينار
-
صحيفة تركية: كلمة واحدة تُربك المفاوضات بشأن غزة في شرم الشيخ!
-
قصة بعنوان ‘حل السلام‘ - بقلم : الكاتبة اسماء الياس من البعنة
-
حالة الطقس: انخفاض طفيف على درجات الحرارة وأجواء غائمة تسود البلاد
-
أَلم أَعشَقكِ؟ بقلم : الشاعر: خالد عيسى
أرسل خبرا