يوسف أبو جعفر يكتب : حتى نلتقي – دمعة في مقلة
أكتب في العادة الخميس وتقرأون ما أكتب اليوم الجمعة التي أعتبرها جمعة خاصة يلتئم فيها التاريخ واليوم وذكرى الفراق، لا يعرف أحد هذا الشعور إلا من عاش الظروف، يوم الجمعة الواحد والثلاثين من عام 1991،
يوسف أبو جعفر - تصوير: قناة هلا وموقع بانيت
توفي والدي بعد صلاة الفجر بقليل، توفي دون مقدمات أو أمراض، هكذا قدر الله، ربما كان هذا ما يريده، كلنا يحب والديه ويشعر أنهما فريدان ليسا ككل الوالدين، لا شك في ذلك، ولست هنا لأحدثكم عن أبي ولكني أريد أن أحدثكم عن الشوق الذي ينتابنا عندما نتذكر موقف أو لحظة غمرنا فيها الأب بحب أو وقف في وجه العالم يدافع عنا، أو لحظة رضى وفخر عندما حققنا إنجاز وجعلناه يفخر بنا.
هذه اللحظات هي التي تبقى مرسومة في الذاكرة يطغى علينا فيها الشوق بقوة حتى تخنقنا العبرات ولا نعود نمتلك أنفسنا وربما يبكي الرجال بصمت وغير دموع، ربما نختلي بأنفسنا نسأل كيف لنا أن نحتمل هذا الشوق ولكنها الحياة التي يجب أن تستمر، فنحن بدورنا نكون تركنا دور الأبناء لنصبح في دور الوالدين.
اعتقد أن الشاعر كريم العراقي الكبير قد لخص شعور كثير من البشر عندما قال ، آه كم اشتاق أبي، نعم نشتاق لهم رغم السنين، نستمع أصواتهم وأعترف بكل بساطة، عندما يزورني ويحدث ذلك نادرًا في المنام أشعر بشيء لا يوصف، كأن الحلم حقيقة ربما ننشغل بعدها في محاولة فهم محتوى الرسالة أو الكلمات، لا شيء يساوي هذا الشعور، لا شيء. لا شيء يخفف من حدة الشوق سوى أمل اللقاء، نعم هذا الإيمان الذي يصاحبنا أنهم بخير وأن دعاؤنا يصلهم كل الذين فارقونا، والدين، أصدقاء وأحباب كل هذا الشوق لا يتوقف رغم مرور الأعوام والسنين، هناك لحظات نشعر بها بحبنا لمن فارقنا والدمعة تسكن المقلة لا تفارقها، دمعة الشوق والأمل.
هناك لحظات كنا نود أن نخبرهم فيها عن حالنا، عمَّا أنجزناه أو حتى حاجتنا إلى مشورة أو سند منهم، فالصديق كنَّا نخبره أسرارًا لا نحدثها غيره، والأب مواقف وكلمات تبقى طي الكتمان، وهكذا دواليك، هذا هو الشوق الذي يأبى أن يغادر. رغم كل ذلك ندرك أننا نعيش الحاضر ونلعب دورًا جديدًا في حياة الأبناء، فلا هم يدركون ما بنا ولا نحن نستطيع اخبارهم بما في خواطرنا وقلوبنا.ربما لا يدرك البعض ما أتكلم به وذلك لحسن حظه فوالديه عنده، فلتزداد سعادته بهما وليحافظ عليهما ويستمع إليهما فلا يبقى في حياتنا عند الرحيل سوى الذكريات.
وحتى نلتقي، ما شد الشوق أحدٌ إلا جعل منه أفضل وأرق وأجمل فلا نبتأس، فالشوق شعور لا يوصف لمن نحب، فنحن نشتاق إلى أحبابنا وهم حولنا، فكيف بمن غادروا الدنيا إلى نعيم الآخرة، نملك الدعاء الذي يحركه الشوق، نملك الذكريات التي ستبقى ملكنا نشتم فيها كل الموقف، سيبقى لدينا ما يحررنا من ألم الحزن شوق المحبة، دمتم سالمين ورحم الله أمواتكم ووالديكم أجمعين.
من هنا وهناك
-
الإستاذ والمربي جوزيف حلو من الناصرة : ‘تحية إجلال وتقدير للرفيق النقابي كمال أبو أحمد‘
-
‘ قصتان ووقفتان ‘ - بقلم : الشيخ عبد الله عياش
-
‘ التلقين الدّيني المبكّر: بين قدسية العقيدة وحقوق الطفل الفكرية ‘ - بقلم : أ. سامي قرّه
-
مقال: المحامي فريد جبران .. الإنسان المناسب في المكان المقدس‘ - بقلم: رانية مرجية
-
‘بدنا حقنا ، بدنا نعيش بكرامة ‘ - بقلم : عمر عقول من الناصرة
-
‘ لقاء ترامب ونتنياهو: صياغة للبدايات أم تحديد للنهايات! ‘ - بقلم : المحامي زكي كمال
-
‘ أيها الطالب / ايتها الطالبة، صيفك كنز... كيف تستغله بذكاء؟ ‘ - بقلم : الاستاذ رائد برهوم
-
‘العرس فرح وإشهار وليس حداية واشعار‘ - بقلم : المربي جهاد بهوتي
-
‘ ازدهار عبد الحليم الكيلاني في كتابها ‘أحاديث من التراث‘ تسكب من مشاعرها إضافات وجدانية‘ - بقلم : زياد شليوط
-
‘ المستحيل... حكايات مزورة ‘ - بقلم : الشيخ أمير نفار
التعقيبات