يوسف أبو جعفر يكتب : حتى نلتقي- اكس
في اللغة الإنجليزية الحرف " X " يدل على المجهول ومن المعروف أن هذا الحرف جاء من استخدام علماء الرياضيات العرب وكانوا يشيرون به إلى غير المعروف أو المجهول ولذلك استعضنا في العربية بحرف السين،
يوسف أبو جعفر - صورة شخصية
نقول سين من الناس، دون أن نعرفه والإنجليزية احتفظت بالاكس كحرف لغوي مع دلالة مجهوليته كشخص أو كمجموعة. الجميل في الموضوع أننا نستطيع استعمال حرف الاكس في كثير استعمالات، ففي الغرب اكس زوج، الزوج السابق، اكس صديق، مجموعة اكس مجموعة مجهولة تحتاج إلى تعريف ، اكس أي شيء نريده.
في الحالات العادية عندما نضع علامة الاكس على الفرد فنحن نضعها على أنفسنا مباشرة، فاكس صديق لي هو اكس صديق للآخر، إلا في حالة المجموعة الكبيرة، قد تكون معرفة ونحن المجهول ولا يعني عندما معرفتنا بها أنها المجهول، بل وربما في بعض الحالات كالقيادة مثلًا القائد هو المجهول، فطلاب المدرسة والصف يعرفون بعضهم لكنهم لا يعرفون سائق الحافلة، وفي نظر الطلاب هو المجهول، وربما القائد بالمعنى الأكبر السياسي أو التنظيمي أو الدولي.
كلما بذلنا جهدنا لنعرف الاكس ظهر لنا فنحن نقوم بتعريف أنفسنا " هذا طبعًا في الحالات العادي" عندما نتعارف ، ونحدث عن أنفسنا إنما ندفع بالآخرين للخروج من دائرة الاكس، ولكن عندما تتعقد الأمور فلا نستطيع التعريف كما نريد نجد أنفسنا في حالة دراسة من قبل الاخرين، فالوزير لا يستطيع الناس معرفة أكثر مما ينشر عن شخصه ولكننا نعرف سياسته المالية او الداخلية وذلك حسب وظيفته، ما أريد قوله من السهل أن تتعرف المجموعة الاكس على الفرد ولكن العكس هو الصعب، ولذلك نجد أن العقول مشغولة بفهم أنماط المجموعات وتحويلها من اكس إلى معروفة، قد يكون ذلك بنية طيبة أو خبيثة.
" طموحات وحياة رتيبة وبسيطة "
هناك مجموعة تكونت في حياة جميع المجتمعات ربما اكبر مجموعة اكس في العالم، هي الناس العادية، أولئك الذين طموحاتهم وحياتهم رتيبة وبسيطة في كل شيء في أحلامهم في معاملاتهم، في بيوتهم في أولادهم، هم اكس بكل المقاييس هم الغالبية العظمى الذين لا يبحثون عن كل جنون البشر من كماليات، واحداث التغيير الاجتماعي، لا يبحثون عن شيء هم مغمورون بكل المقاييس ولكنهم موجودين في كل مكان، يعملون في مكان عمل وربما لا يفكرون بالغد ليس بمعنى أنهم لا يقلقون، بل لأنهم مشغولون في هموم اليوم، ربما يطلق عليهم البعض الفئة الكادحة أو المغلوب أمرها وربما يعرفهم البعض بالناس المؤمنة القنوعة وهكذا كل حسب ترتيبه وقناعاته.
هذه المجموعة اكس الأكبر وربما هي الوحيدة في نظري التي تحتاج إلى تعريف، لأنها فقدت الكثير ربما الثقة، ربما حب الاستطلاع، ربما القوة على الكفاح وغيرها من الأسباب، وفي انعدام المعرفة يسكن المجهول.
كلما ازدادت أو كبرت هذه المجموعة يعني خروجها من إطار الوضع الطبيعي يعني فشل البقية في الحفاظ عليها كل بدورة، الامام، المدرس، الشيخ، الرئيس، وكل فرد هو في موقع المسؤولية، ولا أعني هنا أن نعرف أحوالهم بل أن نحملهم على الاهتمام وأن نلبي ما يريدون وما لهم من حقوق دون أن نعرفهم، ربما عندها نتوقف تعريفهم كالمجهول.
مجموعة اكس حولنا انظروا جيدًا هم في الغالب لا يهتم بهم احد، هم لا يحملون علامات خاصة، هم من يقرر غيرهم لهم، من لا نحتفظ بأرقام هواتفهم وهم لا يحتفظون بأرقام مكاتبنا، هم الذين إذا شاهدوا كل شيء لا يشتكون ليس ضعفًا بل لأنهم يرون فينا مجهولين في نظرهم نحن الاكس.
وحتى نلتقي، ويل لأمة لا ترى ولا تسمع ولديها عيون وآذان ، ويل لمجتمع تكبر فيه مجموعات الاكس دون وعي وإدراك، مالكم تهمسون ولا تصرخون، الأولى بنا أن نعيد النظروالسمع، دمتم بخير
من هنا وهناك
-
القوانين الأساسيّة للكون بسيطة.. لكن لا نفهمها لأنّ حواسّنا محدودة!
-
مقال: بعد رفع ترامب بطاقتين صفراء لنتنياهو واحتمال بطاقة حمراء مزلزلة - هل يرد نتنياهو بقلب الطاولة؟ بقلم : د. سهيل دياب
-
الائتلاف الشامل الآن الآن.. بقلم: د. أسامة مصاروة - الطيبة
-
برامج متجددة في ظاهرها، متكرّرة في مضمونها: حين يغيب التجديد عن جهاز التربية والتعليم
-
مقال: ‘سرٌ من أسرار القرآن‘ - بقلم : الشيخ عبد الله إدريس
-
مقال: بين الوعود والوقائع: الدولة الفلسطينية في خطاب الإدارات الأمريكية - بقلم: سليم السعدي
-
مقال: ماذا يتوقع مسيحيو الأرض المقدسة من البابا الجديد؟ بقلم : وديع أبونصار
-
‘ الصبر أم التسامح ‘ – بقلم : رانية مرجية
-
‘ إلى القيادة العربية في الداخل الفلسطيني: من إدارة البقاء إلى صناعة المستقبل ‘ - بقلم : الكاتب الفنان سليم السعدي
-
‘ حتى نلتقي - نائب فاعل ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
أرسل خبرا