بلدان
فئات

17.10.2025

°
14:27
‘طير من هون‘.. بالفيديو: مواجهة بين عضويْ كنيست من اليمين وأهال من بير هداج في النقب
13:52
افتتاح فعاليات اليوم الأول من ‘مهرجان الحاكورة‘ في كوكب ابو الهيجاء
13:44
قناة هلا تسلط الضوء على مركز تحصيل الحقوق في المزرعة
13:32
خلال جنازة مختطفة.. هجوم على وزير القضاء: ‘انصرف من هنا‘
13:27
كبار وصغار يشاركون بمهرجان موسم الزيتون في شفاعمرو
13:25
المديرة العامة لبلدية الناصرة تستقبل مجموعة شباب بادروا لتنظيم حملة تنظيف للشوارع والأرصفة في حي بئر الأمير
13:10
للمرة الثانية.. سالم الدوسري يحصد جائزة ‘أفضل لاعب في آسيا‘
13:00
مصابان باطلاق نار في الرينة
12:54
شاهدوا: القتيلان الشقيقان من إبطن في واحدة من أجمل لحظات العمر - أقاربهما: ‘نستهجن صمت المجلس الإقليمي وتجاهله لهذه المصيبة‘
12:16
أهال من كفر ياسيف: جريمة قتل حارس مدرسة البستان تجاوز لكل الخطوط الحمراء
12:09
زياد داهود جوهر مصاروة من الطيبة في ذمة الله
11:36
على غرار قطر.. تقرير: السعودية تناقش اتفاقية دفاعية مع الإدارة الأمريكية
11:18
المحكمة تُلزم شخصا بتعويض عضو الكنيست ليبرمان بمبلغ 200 ألف شيكل
11:00
طفلة بحالة خطيرة اثر سقوط خزانة عليها بمنزل في يركا
10:39
تسهيلات اقتصادية تلوح في الأفق بعد وقف الحرب: مئات الشواقل قد تعود إليكم
10:33
اطلاق حملة لجمع 2 مليون شيكل لصالح أحد المختطفين الاسرائيليين الذين أفرجت عنهم حماس قبل أيام
10:10
قبل ساعات من مقتله.. المربي جمال خالدي من ابطن يرثي اخته: ‘أسأل الله أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى‘
09:59
اتهام شاب من ايلات بنشر فيديو على ‘الانستغرام‘ هدد فيه بقتل رئيس الحكومة نتنياهو
09:36
اليوم: عرس رياضي على ستاد الناصرة - عيلوط يجمع الأخضر النصراوي بهبوعيل باقة الغربية
09:12
الآن بامكانكم مطالعة عدد صحيفة بانوراما الصادر اليوم الجمعة
أسعار العملات
دينار اردني 4.65
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.43
فرنك سويسري 4.14
كيتر سويدي 0.35
يورو 3.84
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.33
كيتر دنماركي 0.51
دولار كندي 2.35
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.18
دولار امريكي 3.3
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-10-17
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.32
دينار أردني / شيكل 4.7
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 3.86
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.16
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.81
اخر تحديث 2025-10-16
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
كوكتيل
مقالات
حالة الطقس

مقال: العلاقة بين بيان القمّة العربيّة الإسلاميّة وقرارات القيادة الإسرائيليّة - بقلم : المحامي زكي كمال

بقلم: المحامي زكي كمال
26-09-2025 12:40:13 اخر تحديث: 28-09-2025 08:17:00

في خطوة شكّلت صدمة حتى لأولئك الذين قبلوا، أو تقبّلوا وكلّ لأسبابه حقيقة كون الحلبة السياسيّة الإسرائيليّة قد تحوّلت من حلبة سادها النقاش والحوار والانفتاح النسبي والشكليّ على الأقلّ، إلى حلبة سياسيّة يميزها اليوم انقسام داخليّ خطير،

المحامي زكي كمال

وابتعاد عن الأيديولوجيا وتقوقع سياسيّ، بل عزلة سياسيّة داخليّة يتمترس فيها كلّ معسكر، وراء شعارات تكّررت في الانتخابات البرلمانيّة الخمس الأخيرة، ومنذ العام 2019 تحديدًا، عزّزت العزلة ورفض أيّ علاقة، أو حوار مع المعسكر الخصم. واعتقدوا أن هذا التمترس أو العزلة، أو الانعزاليّة السياسيّة الداخليّة، واعتبار السياسة الداخليّة، ومنها تشتقّ السياسة الخارجيّة الإسرائيليّة، وسيلة أولى وربما وحيدة للبقاء السياسيّ، خاصّة لمعسكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه الحاليّ، سيبقى محصورًا داخل إسرائيل، أو داخل الحلبة السياسيّة والحزبيّة الداخليّة، جاءت تطوّرات الأسابيع الأخيرة وخاصّة الخطاب الذي ألقاه نتنياهو مطالبًا الشعب بالاستعداد لحالة تستوجب أن تعيش إسرائيل مضطرّة وسط عزلة اقتصاديّة وعسكريّة تضطرّها إلى توفير كافّة احتياجاتها بنفسها، بما في ذلك الصناعة العسكريّة، والتسونامي السياسيّ والدبلوماسيّ الدوليّ ممثّلًا بسيل من الدول التي تعلن الاعتراف بدولة فلسطين، سواء في أوروبا أو آسيا وغيرها، ليؤكّد مرة أخرى، صدق مقولات ثلاث الأولى تلك التي صاغها وزير الخارجيّة الأمريكيّ الأسبق كيسنجر، ومفادها بأن إسرائيل لا تمتلك سياسة خارجيّة، بل سياسة داخليّة فقط. وهي مقولة يمكن القول بل الجزم، أن نتنياهو طوّرها ووسّع نطاقها، فلا سياسة خارجيّة لإسرائيل، ولا سياسة داخليّة أيضًا، وربما ليس لديها أيّ سياسة على الإطلاق، فكل شيء يدور في مدار يضمن مصالح نتنياهو الشخصيّة والحزبيّة، وضمان بقائه في سدّة الحكم، وبالتالي تجيء كافّة مواقفه وتصريحاته، وهي متناقضة أحيانًا وغير مفهومة أحيانًا أخرى، خاصّة في قضيّة إطلاق سراح المخطوفين ووقف الحرب وقصف العاصمة القطريّة، الدوحة، وقطع حبل الودّ نهائيًّا مع السعوديّة، واقتراب ذلك مع مصر أيضًا، وثانيها قول ابن خلدون، والذي ينسجم مع أصوات في إسرائيل تحذّر من الأخطار المحدقة بها، ومن تصرّفات سياسييها من الجيل الثالث لمواطنيها والذين، وانطلاقًا من كونهم لم يعيشوا معاناة إقامة الدولة والحفاظ عليها، تحولوا إلى نخبة حاكمة تكرّس أولوية مصالحها الخاصّة، وتحرص في سلوكها السياسيّ والأخلاقيّ على الطمع والترف والفساد. وينتقل الشعور بالمسؤوليّة الاجتماعيّة والسياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة التي ميّزت القيادات خلال فترة التأسيس، إلى شعور آخر ملخّصه التهرّب من المسؤوليّة واعتبار الكلّ متاحًا وممكنًا حتى لو كان يلحق الضرر بالقاعدة الانتخابيّة لهذه النخبة الحاكمة، فالغاية وهي البقاء في السلطة واقتناع القاعدة الانتخابيّة أن لا بديل لهذه النخبة، أو لا وجود ولا بقاء للبلاد مع نخبة حاكمة أخرى، تبرّر الوسيلة حتى لو كانت إدخال البلاد في عزلة دوليّة خالصة ودوامة اقتصاديّة يدفع ثمنها الفقراء والطبقة الوسطى، ومنهم يأتي معظم ناخبي الليكود واليمين والمتديّنين، والنتيجة سلطة أو نخبة حاكمة، تدوس مصالح الجميع من أجل مصالحها الخاصّة وترفها الزائد وإفسادها الجهاز السلطويّ، وإتباع عصبيّة سياسيّة وعسكريّة ورفض لنصائح الدول الصديقة، كانت ربما ضروريّة لقيام الدولة وديمومتها، لكنّها تصبح وفق ابن خلدون أيضًا السبب الأبرز للسقوط والانحدار، وثالثها قول آخر لهنري كيسنجر، والذي سيسجّله التاريخ واحدًا ممّن لهم الفضل الكبير في دعم إسرائيل وربما بقائها، خاصة في حرب أكتوبر عام 1973، وأقصد قوله إن التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد نجد فيها المفاتيح الذهبيّة لمشاكل حاضرنا... لمن أراد أن يستفيد.

"خطاب أثينا وإسبارطة"
أجزم هنا أن الأمر يتعدّى ذلك، فما حدث من تطوّرات قبل "خطاب أثينا وإسبارطة" المشهور، وقبل سيل اعترافات الدول الأوروبيّة والآسيويّة وغيرها بالدولة الفلسطينيّة وتحذيرها إسرائيل من مغبّة اتخاذ خطوات تعتبرها حكومتها اليمينّية الحاليّة، الردّ الإسرائيليّ، أو وفق تعريفها "الردّ الصهيونيّ المناسب" على هذه الاعترافات، لم يكن مفاجئًا لنتنياهو، ولم يكن في غير حسبانه أو خارج حساباته، بل العكس تمامًا، فهو بحواسه السياسيّة وذكائه الحادّ، وبصفته نجل مؤرّخ كبير ولامع، كان واعيًا لكل ما يحدث وللنتائج المتوقّعة، بل إن هناك من يؤكّد أنه انتظر ذلك وأراده. وأن خطاب إسبارطة وحديثه عن عزلة دوليّة سببها "مواقف أوروبا المعادية لإسرائيل"، أو موجات اللاسامية المتزايدة في أوروبا، لم يكن زلّة لسان غير مقصودة، بل كان خطابًا مبيَّتا أراد منه نتنياهو تحقيق أمور ثلاثة أولها، تكرار عادته ونهجه، إخلاء نفسه من المسؤوليّة عمّا آلت إليه الأوضاع، واتهام العالم بالمسؤوليّة عن ذلك واتهامه باتّخاذ خطوات تعزل إسرائيل وتحاصرها اقتصاديًّا، ليس بسبب أعمالها ومواقفها، بل بسبب كرهها لإسرائيل. أما هو فدوره الآن يتلخّص في ثلاثة جوانب أوّلها التحذير والتنبيه وقراءة المستقبل، وثانيها حشد معسكره أولًّا لتأييده إزاء مواقف المعارضة التي اتهمته بالمسؤوليّة عن الحالة الراهنة وبأنه السبب في العزلة، وإقناع معسكره أن هذه الانتقادات ليست موضوعيّة، بل تهدف إلى إنهاء حكمه فقط، وثالثها رسم صورته التي يريدها بأنه القائد الوحيد الذي يمكنه إخراج إسرائيل من أزمتها وحمايتها، في تكرار للنهج الذي اتبعه عبر تضخيم الخطر النوويّ الإيرانيّ والتحذير منه واعتبار نفسه الوحيد القادر على ردع إيران ومنعها من امتلاك أسلحة نوويّة وحماية إسرائيل، وتحميل العالم كلّه، وحتى حلفاء إسرائيل في أمريكا المسؤوليّة عن ذلك. وهو نفس نهجه في قضية سيل الاعترافات بالدولة الفلسطينيّة، وخلق الخلافات مع الدول العربيّة وخاصّة السعوديّة ومصر، فكلها كانت شعارات مكتوبة على الحائط، لكنّه بدلًا من قراءتها، قرّر اتهام أوروبا باللاسامية، وعندما وقع الفأس بالرأس، طالب أمريكا ترامب بمساعدته، تمامًا كما بعد قصف الدوحة والتلويح بإمكانيّة ملاحقة قادة "حماس" حتى في مصر ومطالبتها بفتح حدودها أمام مواطني غزة واتهامها أنها تحرمهم من "حقّهم الطبيعي في الهجرة"، ما دفعها إلى اتخاذ ترتيبات أمنيّة وعسكريّة قرب الحدود مع إسرائيل، دفعته مرة أخرى إلى مطالبة أمريكا بالتدخّل بدلًا من مراجعة الذات، وباختصار يمكن القول أن نتنياهو وبسياساته الداخليّة ومنها تنبثق سياساته الخارجيّة، وتصريحاته وخطاباته يهدف إلى إرضاء مجموعتين فقط، هما قاعدته الحزبيّة والانتخابيّة والشركاء في الائتلاف خاصّة الأحزاب الاستيطانيّة المتدّينة والحريديم، والولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب معتمدًا على دعمها التامّ وغير المشروط. أما الباقي وبضمنه المعارضة في إسرائيل، والدول الأوروبيّة والدول العربيّة خاصّة بعد مؤتمر القمّة الطارئ في الدوحة وقراراته الهزيلة، وسأعود اليها، فكلها يمكن التضحية بها في سبيل ضمان البقاء السياسيّ لا غير، مهما كلّف ذلك.

اعتبار القوة العسكريّة العامل الأساسيّ في ضمان الأمن القوميّ
ما سبق هو الواقع، وهو ما يعرفه الائتلاف الحالي ورئيس الوزراء نتنياهو، وبوادره بادية على الأرض، وهي مثيرة للقلق ونتائجها الحاليّة على الأقلّ، عزلة تتفاقم، واتفاقيّات سلام قائمة خاصّة مع مصر وربما الاتفاقيّات الإبراهيميّة ببعض جوانبها، واتفاقيّات أخرى متوقّعة ومنشودة أصبحت مهدّدة، ودعم دوليّ كان تامًّا وشاملًا وغير مشروط، أخذ يتراجع ويتضاءل، بل ويتآكل، وسياسة خارجيّة هي أداة لبقاء سياسيّ شخصيّ، وسط تجاهلٍ تحذيرات كبار المسؤولين الأمنيّين والدبلوماسيّين والحلفاء الدوليّين في حالة خاصّة وصفها المؤرخ الأمريكيّ فيكتور ديفيس هانسون في كتابه" نهاية كل شيء" بأنها "الانغماس في الحروب المتواصلة، ورفع مستوى الإنفاق العسكريّ بشكلٍ يتجاوز قدرة الدولة"، وما يرافق ذلك من استنزاف للموارد، وخلق حالة من عدم الاستقرار، وبكلمات أخرى اعتبار القوة العسكريّة الشرط الأساسيّ، أو العامل الأساسيّ في ضمان الأمن القوميّ، وهو ما كان قد حذّر منه سفير إسرائيل السابق في فرنسا، دانييل شيك بقوله إن "الخطأ التاريخيّ الذي ارتكبته إسرائيل، هو عدم اعتبار السياسة الخارجيّة جزءًا من الأمن القوميّ الإسرائيليّ، خاصّة في واقع من النزاع المتواصل، كان يحتّم على إسرائيل بناء المزيد من التحالفات، وهو أمر لم تفعله إسرائيل فحسب بل إنها وبمرور السنوات، منحت السياسة الخارجيّة أهميّة أقلّ، ولذلك لم يكن من الغريب أن يركّز نتنياهو في خطابه حول إسبارطة وأثينا على الصناعات العسكريّة وضرورة الاكتفاء الذاتي منها، في تأكيد على أن الأمور لم تتغيّر، وأن الحكومة الحاليّة تمنح القدرات العسكريّة المرتبة الأولى في ضمان أمن إسرائيل القوميّ، وبعدها الاقتصاد. أما السياسة الخارجيّة، والعلاقات الحسنة مع دول العالم، الحليفة والصديقة والجارة، فهي في المرتبة الأخيرة، ولذلك لم تدرك الحكومة الحاليّة، ولدي ما يجعلني أشكّ أنها تدرك لكنها تتجاهل، أن الدعم الدوليّ للعمليّات العسكريّة في غزة خاصّة والذي كان شاملًا في بداية الحرب، هو دعم لن يدوم إلى الأبد إذا لم ترافقه سياسة خارجيّة، خاصّة وأن اعتماد إسرائيل على القوة العسكريّة وإفراطها فيها، ورفض أي مبادرة سياسيّة جعل الدول الأوروبيّة توقن أن العمليات العسكريّة في غزة، التي يواصل الجيش الإسرائيليّ تنفيذها، لم تعد مبرّرة، وأنها لم تعد مواجهة مع "حماس"، بل إنها أصبحت أعمالًا أهدافها سياسيّة داخليّة إسرائيليّة مئة بالمئة، يراد منها بقاء الائتلاف الحاليّ الذي يهدّد أعضاء فيه بالانسحاب إذا توقّفت الحرب، كما أنها أصبحت بحكم ذلك، وبحكم مواقف أوروبا وبعض مواقف دونالد ترامب، خاصّة تصريحه بان نتنياهو يقوم بقصف دولة عربيّة ما، كلما اقتربت صفقة لوقف الحرب من القبول والتنفيذ، اختبارًا فشلت فيه إسرائيل، والنتيجة فقدان أصدقائها وخسارة تحالفاتها الدوليّة والمسّ بمكانتها وضرب مصالحها العسكريّة السياسيّة والاقتصاديّة وصولًا إلى مجالات الرياضة والفن والهايتك وغيرها، وهو بالضبط ما يشير اليه هانسون في كتابه المذكور سابقًا بقوله "أن الحروب كثيرًا ما تتجاوز مجرد الانتصار العسكريّ إلى تدمير حضارات بأكملها"، خاصّة عندما يتفشى الفساد الحكوميّ، وعدم الاستقرار الاقتصاديّ، والتفكّك الاجتماعيّ، وبروز ظاهرة عدم الالتزام بالأخلاق التي ينجم عنها عدم وجود معايير أخلاقيّة واضحة، تحكم تصرفات مشينة ومن ثمّ شيوع الفوضى وانعدام التماسك والتناغم الاجتماعيّ، وباختصار يدعو هانسون، بعكس حالة إسرائيل اليوم، وتحديدًا بعكس سياسات نتنياهو الذي تحوّل في العامين الأخيرين ولأسباب يجب التوقّف عندها، من زعيم يتجنّب قدر الإمكان الصدام العسكريّ ويسعى الى اتفاقيّات مؤقّتة مع "حماس" في غزة، ويمتنع عن الردّ، كما في حالة الخيمة التي أقامها "حزب الله" على الحدود اللبنانيّة الإسرائيليّة، وتحديدًا قرب مزارع شبعا، وإصراره على أن تمنح قطر حركة "حماس" 30 مليون دولار شهريًّا لضمان "هدوئها" وإسكاتها عمليًّا، إلى قائد يعتبر القوة العسكريّة الخيار الأول وأحيانًا الوحيد، وهو ما قال عنه هانسون، إن هناك ضرورة لضمان لقاء الدول وحصانتها ومناعتها، وهي اعتماد استراتيجيّة مستقبليّة (استراتيجية أمن قوميّ) تشمل التروّي الاقتصاديّ، وضبط النفس العسكريّ، والمصداقيّة السياسيّة، والحفاظ على الثقافة، وإدارة التكنولوجيا، والقيادة الفعّالة.

نتنياهو اليوم يشبه وينستون تشرتشل برفضه المساعي السياسية
والشيء بالشيء يذكر، فنتنياهو اليوم برفضه المساعي السياسيّة، وإصراره على الوسائل العسكرية، يشبه في ذلك زعيم لا يخفي إعجابه به، بل إن مؤيّديه يشبهونه به وهو وينستون تشرتشل، رئيس وزراء بريطانيا، لفترتين الأولى بين الأعوام، 1940-1945، والثانية 1951–1955، والذي يقول عنه، بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانيّ الأسبق في كتابه "فعل تشرشل: كيف صنع رجل واحد، التاريخ"، الصادر عام 2014، إنه قضى معظم حياته السياسيّة ينتظر لحظة المجد، وأنه وقف بثبات في وجه المهادنين المطالبين بالسلام مع ألمانيا النازيّة بينما قال عنه آخرون ومنهم جون تشارملي، في كتابه "نهاية المجد" عام 1993، أن التحولات التي قام بها تشرشل لخدمة مصالحه الذاتيّة أدّت إلى العديد من الأخطاء، ومنها رفضه التفاوض على معاهدة سلام المانيا النازية في عام 1940 والتوجّه بدلًا من ذلك إلى الولايات المتحدة، ما عجَّل بنهاية الإمبراطوريّة البريطانيّة، رغم النصر العسكريّ الذي حقّقه الحلفاء في نهاية الحرب العالميّة الثانية. لكن ذلك لا يمنع بوريس جونسون من اعتباره أعظم شخصيّة في تاريخ العالم، والقول إنه أسهم إسهامًا رئيسيًّا في تغيير خريطة العالم الحديثة، وإنشاء أوروبا ما بعد الحرب العالميّة الثانية، وكسب معركة الحرب الباردة مع الروس، وهو ما يقال عن نتنياهو، خاصّة الحديث عن تغيير خريطة الشرق الأوسط.

هل ينحو نتنياهو نحو الإفراط في الحرب بحكم "مصيدة ثوكيديدس" المرتبطة بأثينا؟
وللحقيقة التاريخيّة، يجب القول واستمرارًا لخطاب أثينا التي تمتّعت بالفن والأدب والعلم، وإسبارطة التي اعتمدت بالأساس على قوتها العسكريّة وقدرة جنودها على القتال رغم انغلاقها على ذاتها وأمام الخارج، يجب القول إن دولة إسرائيل ازدهرت ونمت بكونها شبيهة أثينا، عبر تطوير العلوم والاختراعات التقنيّة والإنجازات العلميّة والاقتصاديّة والطبيّة والزراعيّة والأدبيّة وفوز علماء منها بنحو 10 جوائز نوبل للعلوم والأداب، وفوز رئيس وزرائها إسحق رابين بجائزة "نوبل للسلام" ، والنتيجة اقتصاد مزدهر وارتفاع معدل دخل الفرد إلى أكثر من 54 ألف دولار، أي أعلى من دخل الفرد في بريطانيا وفرنسا. وليس لكونها إسبارطة، التي تستند فقط إلى القوة العسكريّة، وبالتالي إذا تحقّقت دعوة نتنياهو بأن تصبح إسرائيل "إسبارطة عظمى" فنتائج ذلك ستكون تخلي أوروبا عن إسرائيل، كما هدّدت رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة، أورسولا فون دير لاين، بالفعل بإلغاء مكانة إسرائيل كعضو مشارك وشريك في تمويل الأبحاث في الاتحاد الأوروبيّ، وسيدير العالم ظهره لها، ويقف إلى جانب الفلسطينيّين في جميع المجالات. أما أمريكيًا فلن تخسر إسرائيل الحزب الديمقراطيّ الأمريكيّ فحسب، بل سيتضاءل تأييدها في صفوف الجمهوريّين، فهل هذا ما ينتظر إسرائيل حسب نبوءات رئيس وزرائها، والسؤال هنا: هل ينحو نتنياهو نحو الإفراط في الحرب بحكم "مصيدة ثوكيديدس" المرتبطة بأثينا، وهو مصطلح وضعه السياسيّ الأمريكي كرام إليسون لوصف دولة ما تعتبر نفسها قوة عظمى إقليميّة، سياسيّة أو اقتصاديّة، وتحاول منع نشوء وتقدم دولة أخرى ناشئة تطمح للوصول إلى مرتبة الدولة العظمى الإقليميّة والمهيمنة.

"أهل مكة أدرى بشعابها"
ختامًا: وبينما يأتي كل ذلك بعيد قمة عربيّة إسلامية طارئة شهدتها الدوحة، هلّل الجميع لبيانها الختاميّ واعتبروه "وزنًا مضادًّا لمواقف وتوجّهات إسرائيل"، لا بدّ من قول الحقيقة، وهي أن نتنياهو يدرك على ما يبدو حقيقة الواقع في الشرق الأوسط على الأقلّ، وأن "أهل مكة أدرى بشعابها"، وأن الدول العربيّة المحيطة ومعها الدول الإسلاميّة، وهي تعدّ بالعشرات، تتملكها القناعة الذاتّية المطلقة بالعجز وقلّة الحيلة، وأنها لا تدرك ذلك فحسب، بل إنها تتصرف بالضبط وفق ذلك، دون أن تحاول التحرّر منه قيد أنملة، وبالتالي تعتاض عنها بعبارات منمّقة وخطابات نارية وبيانات تتبنى العموميّات، وتؤكّد المؤكّد دون أن تشمل أي خطوات عمليّة، وهو ما كان في بيان القمّة الأخيرة الطارئة في قطر، وبصورة تشكّل تقهقرًا خطيرًا حتى إذا ما تمّت مقارنتها ببيانات القمم العربيّة السابقة والتي لم تتعد كونها ، تصريحات منمّقة، غابت عنها الخطوات العمليّة وآليّات العمل، وبضمنها تلك التي اقترحها عدد من الزعماء العرب وقادة الدول الإسلاميّة في مؤتمر الدوحة، ومنهم المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وبالتالي يمكن لنتنياهو خاصّة بعد مراجعة البيان الختاميّ للقمّة العربيّة الإسلاميّة الطارئة في الدوحة، أن ينام قرير العين، فالبيان جاء بصيغة غريبة عجيبة، وكأن القمّة لم تنعقد لأمر جلل وهو قصف العاصمة القطريّة والتهديد بأن "الحبل على الجرار" بالنسبة لعواصم عربيّة وإسلاميّة اخرى، خاصّة وأنه سبقها قصف بيروت ودمشق وعدن وطهران وغزة وميناء تونس، وبالتالي يجب أن تكون قراراتها ومخرجاتها منصبّة على ذلك تشكّل ردًّا عليه، عبر خطوات سياسيّة ودبلوماسيّة وربما اقتصاديّة تتضمّن تعليق اتفاقيّات، أو التلويح بذلك "على عينك يا تاجر"، ودرءًا للوم والانتقاد، بل جاء بيانها الختاميّ أشبه بما يكون "ترتيب عمل" أو ترتيب مصالح، أو تعبير عن توافق شامل، على أمور لا علاقة لها بالحادث العينيّ الذي استدعى القمة، أو بكلمات أقل دبلوماسيّة "إعادة تأكيد ترتيب الغنائم" لكنّه خلا من أيّ التزام، بل اكتفى بالمديح لكل الدول المشاركة فاعتبر قطر دولة هامّة وتحديدًا مكانتها كمركز للتضامن الإقليميّ، ووسيط في النزاعات، ومقدّم للمساعدات الإنسانيّة، وداعم للتعليم في الدول الفقيرة، وامتدح جامعة الدول العربيّة !!!! على "رؤيتها للأمن والتعاون الجماعيّ"، ومصر أيضًا على صورتها كوسيط والمملكة العربيّة السعوديّة على صورتها كداعم لحلّ الدولتين، مع التأكيد، وهذه نقطة في غاية الايجاب بخلاف سابقاتها، على متانة الوصاية الهاشميّة على الأماكن المقدّسة في القدس، ونال المغرب المديح لرئاسة لجنة القدس، بينما لم يُذكر اسم السلطة الفلسطينيّة في الإعلان، باستثناء التشديد على "إعلان نيويورك" المتضمّن على إقامة دولة فلسطينيّة على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقيّة، ونزع سلاح حماس، ونقل السيطرة على القطاع إلى السلطة الفلسطينيّة. أما إيران فجاء ذكرها عرضيًّا، ضمن الدول المتضرّرة من الهجمات الإسرائيليّة، بينما غابت تركيا تمامًا عن الإعلان، وهاتان النقطتان هما رسالة واضحة لإيران من حيث عدم الترحيب بنفوذها ورفض دورها في الشأن الفلسطينيّ والعربيّ والخليجيّ، ورسالة لتركيا وفق "مصيدة ثوكيديدس"، تعني ضمنيًّا أن الدول العربيّة وخاصّة الخليجيّة ترفض أن تنافسها تركيا على الزعامة والسيادة بما يخصّ القضيّة الفلسطينيّة والشأن الإسلاميّ، فالقضية الفلسطينيّة، وفق بيان المؤتمر، محفوظة للعالم العربيّ وحده، ولن تُنقل إلى تركيا أو إيران... وهذه مواقف تتّفق بشكل آو بآخر مع توجّهات إسرائيل أيضًا.

"فيها الخصام وهي الخصم والحكم"
خلاصة القول مرّة أخرى، وفي تأكيد للضعف وقلّة الحيلة، والأخطر من ذلك، قبول الدول العربيّة والإسلاميّة به، واكتفائها بدور تكون مواقفها مجرّد حديث عابر، ومجرّد كلمات وسط غياب آليّات تنفيذ، أو قرارات وتوصيات حقيقيّة، دون أن ترقى إلى مستوى التحديات والتفكير في خطوات تشكّل ردًّا على استمرار الحرب في غزة، وتوجهات إسرائيل العسكريّة ومنها قصف الدوحة والحديث عن أرض إسرائيل التاريخيّة والتوراتيّة كما قال نتنياهو، وزادت الطين بلّةً بدعوة المجتمع الدولّي!!! إلى التحرّك، بمعنى طلب النجدة من العالم وتحديدًا الولايات المتحدة، التي علمت بالهجوم، ولم تمنعه "ففيها الخصام وهي الخصم والحكم"، متجاهلة أوراق الضغط التي تملكها، رافضة استخدامها، وهذه الحقيقة المؤلمة، فحتى إن اجتمعت الدول فإن اجتماعها هو خطوة صوريّة استعراضيّة متكرّرة وممجوجة، محكوم عليها بالفشل مسبقًا، أو بأن تنتهي إلى فراغ من حيث المضمون، فمصالح كل دولة عربيّة، تغلب المصلحة العربيّة العامّة، فهي ليست أمّة عربيّة واحدة ذات رسالة خالدة، بل أمة عربيّة جامدة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة. أما العالم العربيّ، فهو لم يعد من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر، وأجزم أن الشاعر السوري الراحل سليمان العيسى، مؤلّف قصيدة "نشيد للدولة العربيّة"، لو عاد إلى الحياة، لكان سيندم أشدّ الندم على كتابة قصيدته تلك التي قال فيها: "منَ المحيطْ إلى الخليجْ.. من المحيطِ الهادرِ.. إلى الخليجِ الثائرِ"، لكنّ الطامّة الكبرى هي الترحيب والتهليل لبيانات محشوة بالأقوال خالية من المضمون وفارغة من الأفعال، والتطبيل لها إعلاميًّا وشعبيًّا باعتبارها النصر المبين، وصدق القول المنقول عن أدولف هتلر الذي انتهت حياته بالانتحار لخسارته الحرب ودمار بلاده وبلاد أخرى، ويقشعر بدني لذكر اسمه "من حسن حظّ الحكام أن الناس لا يفكّرون" وهذه الطامّة الكبرى، وقول مصطفى صادق الرفاعي: "لم يضيِّع الشرقيّين ضعف القوّة أكثر ممّا ضيعهم ضعف البصيرة".

تابعونا لتصلكم الاخبار أولا بأول : 

بانيت بالتلغرام >> https://t.me/panetbanet

للإنضمام لأخبار بانيت عبر واتساب >> https://whatsapp.com/channel/0029VbArrqo9hXF3VSkbBg1A

للإنضمام لأخبار بانيت بالإنستغرام >>https://www.instagram.com/reel/DO8QWtMjFkR/?igsh=MXVvZzVhemN6bGNldA==

panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك