‘ صوم أمنا العذراء مريم… زمن النعمة والرجاء ‘ - بقلم: رانية مرجية
ها قد أقبل صوم أمّنا العذراء مريم، والقلوب تتهيأ كما تتزيّن الأرض بندى الفجر، والأنفاس تخفُّ كما أجنحة ملائكة تلامس نوافذ الروح. هو صوم، نعم، لكنه ليس كأي صوم؛ هو لقاء حيّ مع القداسة، مسيرة حبّ تضيئها شموع الرجاء،
رانية مرجية - صورة شخصية
وحنين دفين لمريم، أمّ الحنان، أمّ النعمة، أمّ السلام.
في هذا الزمن المبارك، نخلع عن قلوبنا شوائب العالم، ونلبس عباءة البتول التي نسجتها بالصمت، بالتسليم، وبالصلاة. فمريم لم تكن فقط أمّ يسوع بالجسد، بل أمًّا لنا جميعًا بالروح، هي التي وقفت بثبات تحت الصليب، ولم تترك ابنها، ولن تتركنا نحن أيضًا في لحظات آلامنا.
صوم العذراء هو صلاة صامتة لا تُرفع بالكلمات بل بالدموع الخفية، هو تسبيحة لا تُرنّم في الجوقات بل في مغاور القلب. هو صمت نقي نقف فيه أمام أسرار التجسد، والحبل الإلهي، والانتقال المجيد… هو اعتراف بأننا مهما حاولنا أن نكون، لن نبلغ الطهارة التي حملتها مريم في حضنها، ولن نبلغ السلام الذي غمر قلبها ساعة قال لها الملاك: “السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة”.
إننا في صوم العذراء، لا نصوم فقط عن الطعام، بل عن كل ما يثقل الروح: عن الغضب، عن الحكم، عن القسوة، عن التذمّر. نطلب في هذا الصوم أن نتعلّم منها كيف نحبّ بصمت، كيف نحتمل بصبر، كيف نؤمن دون أن نطلب علامات، وكيف نحمل الله فينا كما حملته هي، رغم كل الرياح التي عصفت بها.
وسرعان ما يعانقنا عيد انتقالها المجيد، ذلك العيد الذي لا يُذكّرنا بالموت بل بالحياة الأبدية. فمريم التي ارتفعت إلى السماء بالجسد والروح، تقول لنا نحن السائرين في صحراء الحياة: “لا تخافوا، أنتم أيضًا ستقومون. أنتم أيضًا محبوبون”.
في هذه الأيام، فلنرفع قلوبنا معها، نرتّل تسبحتها: “تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي…”، فنحن شعبها، وهي أمّنا، وهي ما تزال تحنّ علينا كما حنت على أهل قانا الجليل، وهمست ليسوع: “ليس عندهم خمر”… وهي اليوم أيضًا تهمس في قلب السماء:
“ليس عندهم رجاء، ليس عندهم سلام، أعطِهم يا ربّ كما أعطيتني أنا النعمة في بطني الطاهر”.
صوم مبارك، ونعمة وافرة، وعيد انتقال مجيد، لكل من يكرّم أمّنا العذراء البتول.
من هنا وهناك
-
‘ صوم أمنا العذراء مريم… زمن النعمة والرجاء ‘ - بقلم: رانية مرجية
-
‘ وأنت ابن الطيبة ‘ - بقلم : المحامي شادي الصح
-
‘ وقفات على المفارق : بين غزّة واللاذقيّة وباب توما والسويداء والخيط والفتنة ‘ - بقلم : المحامي سعيد نفاع
-
مقال: ليس دفاعا عن مصر، بل حماية لفلسطين ! بقلم : د. سهيل دياب - الناصرة
-
‘وقفات على المفارق: جبل العرب بين مطرقة إسرائيل وسندان الشرع ‘ - بقلم : المحامي سعيد نفاع
-
‘ فوز نتالي حلو منير بجائزة التقدير والتميّز لعملها في برنامج ‘من الآبار‘: ريادة تربوية في زمن الانقسام - بقلم: رانية مرجية
-
الشجرة المناسبة في المكان المناسب
-
مقال: ‘مظاهرة سخنين - صوت الداخل ضد التجويع والحرب‘ - بقلم: المحامي علي أحمد حيدر
-
مقال: هل سيجيد الساحر نتنياهو تحريك احجار الشطرنج، أم انه سيواجه بـ ‘كش ملك‘ ؟ بقلم : سهيل دياب- الناصرة
-
‘لسويداء القلب، لسويداء الشرف، لسويداء الشموخ والعز والكرامة‘ - بقلم : المربية نادية سيف من يانوح
أرسل خبرا